سورة الرعد - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}
31- إنهم يطلبون معجزة غير القرآن مع عظم تأثيره لو طلبوا الحق وأذعنوا له، فلو ثبت أن كتاباً يُقرأ فتتحرك به الجبال من أماكنها، أو تتصدع به الأرض، أو تخاطب به الموتى، لكان ذلك هو القرآن، ولكنهم معاندون، ولله- وحده- الأمر كله في المعجزات وجزاء الجاحدين، وله في ذلك القدرة الكاملة، وإذا كانوا في هذه الحال من العناد، أفلا ييأس الذين أذعنوا للحق من أن يؤمن هؤلاء الجاحدين، وإن جحودهم بإرادة الله، ولو أراد أن يهتدى الناس جميعاً لاهتدوا، وأن قدرة الله ظاهرة بين أيديهم، فلا يزالون تصيبهم بسبب أعمالهم القوارع الشديدة التي تهلكهم، أو تنزل قريباً منهم، حتى يكون الموعد الذي وعد الله به، والله تعالى لا يخلف موعده.
32- وإذا كان أولئك الجاحدون قد استهزأوا بما تدعو إليه وبالقرآن، فقد سخروا بالرسل الذين أرسلوا قبلك- أيها النبى- فلا تحزن لأنى أمهل الذين جحدوا ثم آخذهم فيكون العقاب الشديد الذي لا يقدر وصفه ولا تُعرف حاله.
33- إن المشركين ضلوا في جحودهم، فجعلوا لله شركاء في العبادة، فهل من هو حافظ مراقب لكل نفس مُحْصٍ عليها ما تكسب من خير أو شر، تماثله هذه الأوثان؟ قل لهم- أيها النبى-: صفوهم بأوصافهم الحقيقية، أهم أحياء؟ أهم يدفعون الضر عن أنفسهم؟ فإن كانت حجارة لا تنفع ولا تضر، فهل تخدعون أنفسكم بأن يخبروا الله بما تتوهمون أنه لا يعلمه في هذه الأرض، أم تضعونهم في موضع العبادة بألفاظ تتلوى بها ألسنتكم، بل الحقيقة أنه زين لهم تدبيرهم وتمويههم الباطل، وبسبب ذلك صرفوا عن طريق الحق وتاهوا، ومن يكن ضلالهم مثلهم، فلن يهديه أحد، لأنه صرف نفسه عن سبيل الهداية.


{لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}
34- لهم العذاب في الدنيا بالهزيمة والأسر والقتل، إن سار المؤمنون في سبيل الحق، ولعذاب الآخرة النازل بهم لا محالة أشد وأدوْم، وما لهم أحد يقيهم من عذاب الله القاهر فوق كل شيء.
35- وإذا كان لهؤلاء هذا العذاب، فللمؤمنين الجنة ونعيمها، وقد وعدوا بها. وحال هذه الجنة التي وعد بها أولئك الذين استقاموا على الحق، وجعلوا بينهم وبين الباطل وقاية من الإيمان أنها تجرى من تحت أشجارها المياه العذبة ثمراتها دائمة لا تنقطع، وظلها دائم. وهذه عاقبة الذين اتقوا الشر. أما الجاحدون فعاقبتهم دخول النار.
36- والذين أعطوا علم الكتب المنزلة من شأنهم أن يفرحوا بالكتاب الذي أنزل عليك: لأنه امتداد للرسالة الإلهية، ومن يتخذون التدين تحزباً: ينكرون بعض ما أنزل إليك عداوة وعصبية، فقل- أيها النبى-: إني ما أمرت إلا بأن أعبد الله لا أشرك في عبادته شيئاً، وإلى عبادته- وحده- أدعو، وإليه- وحده- مرجعى.
37- ومِثْل الإنزال للكتب السماوية، أنزلنا إليك القرآن حاكماً للناس فيما بينهم، وحاكماً على الكتب السابقة بالصدق. وقد أنزلناه بلغة عربية، فهو عربى، ولا تساير المشركين أو أهل الكتاب بعد الذي جاءك من الوحى والعلم، ولئن سايرتهم فما لك ناصر ينصرك من الله، أو يقيك منه. والخطاب للنبى، وهو أولى بالمؤمنين، والتحذير لهم حقيقى، وللنبي لبيان أنه مع اصطفائه وعلو منزلته قابل للتحذير.


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)}
38- وإذا كان المشركون يثيرون العجب من أن لك أزواجاً وذرية، ويطلبون معجزة غير القرآن، فقد أرسلنا من قبلك رسلا لهم أزواج وأولاد، فالرسول من البشر له أوصاف البشر، ولكنه خير كله، وليس لنبى أن يأتى بمعجزة كما يحب أو يحب قومه، بل الذي يأتى بالمعجزة هو الله، وهو الذي يأذن له بها. لكل جيل من الأجيال أمر كتبه الله لهم يصلح به أمرهم، فلكل جيل معجزته التي تناسبه.
39- يمحو الله ما يشاء من شرائع ومعجزات، ويحل محلها ما يشاء ويثبته وعنده أصل الشرائع الثابت الذي لا يتغير، وهو الوحدانية وأمهات الفضائل، وغير ذلك.
40- ولئن أريناك بعض الذي نعدهم من ثواب أو عقاب، أو توفَّيناك قبل ذلك، لرأيت هول ما ينزل بالمشركين، ولرأيت نعيم المؤمنين، وليس عليك هذا، إنما الذي عليك أن تبلغ الرسالة والحساب علينا وحدنا.
41- وإن أمارات العذاب والهزيمة قائمة، ألم ينظروا إلى أنّا نأتى الأرض التي قد استولوا عليها، يأخذها منهم المؤمنون جزءا بعد جزء؟ وبذلك ننقص عليهم الأرض من حولهم، والله- وحده- هو الذي يحكم بالنصر أو الهزيمة، والثواب أو العقاب، ولا راد لحكمه، وحسابه سريع في وقته، فلا يحتاج الفصل إلى وقت طويل، لأن عنده علم كل شيء، فالبينات قائمة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5